ترامب يُحمّل الأفغان مسؤولية فردية ويتجاهل مسؤولية أمريكا في أزمة اللجوء

في الأيام الأخيرة، كشفت تصريحات جديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إعادة النظر في وضع المهاجرين الأفغان المقيمين في الولايات المتحدة، مجددًا كيف يمكن للسياسات الشعبوية أن تُحوّل حادثة فردية إلى أداة لتحفيز المشاعر وبث الخوف الجماعي.
ففي ردّه على هجوم شنّه أحد رعايا أفغانستان على عسكريين أمريكيين، لم يُدن ترامب السلوك الفردي للمهاجم، بل وجّه سهام الاتهام إلى أمة بأكملها؛ أمة عانت لعقود من ويلات الحرب، وعدم الاستقرار، وقرارات القوى الكبرى، ومن بينها الولايات المتحدة ذاتها.
وفي تصريحاته، عرض ترامب مشاهد من عملية إجلاء المواطنين خلال سقوط كابول، ووصفهم بأنهم «مجانين»، متجاوزًا حدود النقد إلى إهانة مباشرة لشعب أفغانستان. وقد صوّر دخول هؤلاء المواطنين المتعرضين للخطر إلى الولايات المتحدة بأنه فضل أمريكي، في حين أن الواقع يعكس العكس تمامًا.
الوجود الأمريكي الذي استمر عشرين عامًا في أفغانستان لم يكن مجرد مهمة عسكرية، بل سلسلة من القرارات السياسية والأمنية والاستراتيجية التي ارتبطت بالبنية الداخلية للبلاد. وقد أدّى الانسحاب الأمريكي المتسرّع وتسليم السلطة فعليًا لحركة طالبان إلى تعريض ملايين الأشخاص لخطر مباشر، وخلق موجة هجرة غير مسبوقة. إن إنقاذ الحد الأدنى من هؤلاء الناس ليس منّة على أفغانستان، بل هو مسؤولية تنبع من ذلك الوجود وذلك الانسحاب.
وما يشكّل الخطر الحقيقي اليوم ليس فقط لهجة ترامب المهينة، بل محاولته الواعية لتحويل حادثة فردية إلى أزمة هوية وأمن تطال شعبًا بأسره. هذا النوع من الخطابات يحوّل المهاجر من إنسان إلى تهديد، ويفتح الباب أمام سياسات أشد قسوة، وضغوط اجتماعية، وتمييز ممنهج.
وفي هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى، يجب التذكير بأن مسؤولية خطأ فردٍ ما تقع على عاتق ذلك الفرد وحده، ولا يجوز تحميلها لأمة لا تزال تكافح تحت أنقاض الحرب، وضحية لقرارات القوى العالمية.




