آراء

طالبان تتهم باكستان بشن هجمات على معارضيها داخل أفغانستان

تتهم حركة طالبان باكستان باستغلال التوترات الإقليمية للادعاء بأن وجود قادة الجماعات الانفصالية الباكستانية في كابل يمثل تهديداً. وقد استهدفت باكستان في هجماتها الأخيرة معارضيها من المواطنين الباكستانيين المقيمين في أفغانستان.

ووفقاً للتقارير، تواجه المنطقة الآن عدة قضايا أساسية:

1. أصبحت أفغانستان، كما في المرحلة الأولى من حكم طالبان، مركزاً لنشاط الجماعات الإرهابية الأجنبية. فكما كان استضافة طالبان لتنظيم القاعدة وبن لادن سبباً لتدخل الأجانب في السابق، فإن استضافتها حالياً لجماعات مثل “تحريك طالبان باكستان”، و”جيش العدل”، و”الحركة الإسلامية الأوزبكية”، وبقايا داعش والقاعدة تحت قيادة شخصيات مثل نور ولي محسود، توفر ذريعة جديدة للتدخل.

2. رغم أن الحرب بحد ذاتها مدانة، وانتهاك سيادة الدول أمر غير مقبول، إلا أن ما تقوم به باكستان لا يعتبر، وفقاً للقانون الدولي، انتهاكاً للسيادة الأفغانية. فهي لم تدّع ملكية أرض أفغانية ولم تهاجم مسؤولين أفغان، بل استهدفت معارضين باكستانيين لجأوا إلى أفغانستان التي تحكمها طالبان.

الجدير بالذكر أن طالبان نفسها قامت بإجراءات مشابهة، إذ حاولت في العام الماضي اختطاف قاري عيسى محمدي من مشهد، واغتالت مؤخراً معروف غلامي، أحد قادة فصيل تابع لإسماعيل خان، في المدينة ذاتها.

فإذا اعتُبِرت هجمات باكستان على معارضيها الموجودين في كابل انتهاكاً، فإن تنفيذ طالبان لعمليات داخل إيران أيضاً يمكن اعتباره كذلك.

3. وعلى الرغم من أن استهداف باكستان لمعارضيها داخل أفغانستان فعل مدان، ولو كان هناك حكومة شرعية في كابول لوجب عليها الرد بشكل قانوني، فإن مثل هذه الأفعال شائعة في المنطقة. فباكستان استهدفت معارضيها في إيران؛ وإسرائيل شنت هجمات عسكرية على أكثر من دولة؛ وإيران نفذت ضربات صاروخية ضد معارضيها في باكستان والعراق؛ كما نفذت الولايات المتحدة وروسيا عمليات مشابهة. لكن أياً من هذه الأحداث لم يتحول إلى استعراض بهذا الشكل.

رد طالبان على الهجوم الباكستاني ليس عقلانياً ولا قانونياً، ولا يبدو كإجراء عسكري رادع، بل كأنه استعراض الهدف منه إشعال فتيل أزمة كبيرة.

4. القضية قد تكون مرتبطة بسلسلة زيارات قام بها عاصم منير إلى واشنطن، ورحلة طويلة لسراج الدين حقاني إلى الإمارات والسعودية خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى قرار دونالد ترامب بشأن العودة إلى قاعدة باغرام العسكرية. وعلى الرغم من عدم وضوح السيناريو، فإن هذه التطورات تشير إلى اقتراب اضطرابات كبرى.

5. هناك من يرفعون شعار الوطنية ضد باكستان، ولكن تُطرح تساؤلات حول موقف هؤلاء من اعتداءات طالبان على أبناء الشعب الأفغاني أنفسهم. ألم تقم طالبان بقتل الآلاف من المدنيين وجعلت الآلاف بلا مأوى في نواحي غزني مؤخراً؟ ألا ينطبق عليهم مبدأ “الكيل بمكيالين”؟

ثم إن كان هجوم باكستان على معارضيها في كابل انتهاكاً، فهل لم تُعتبر هجماتها على أهالي بنجشير دعماً لطالبان جريمة؟ أين كانت أصوات الغاضبين آنذاك عندما كانت طالبان، بدعم باكستاني، ترتكب الفظائع؟

وفي النهاية، كيف كان سيكون الموقف لو أن هذا النوع من العمليات نفذته الولايات المتحدة أو روسيا أو الهند أو حتى إيران؟

الغرض من هذا الخطاب ليس تبرير أفعال باكستان، بل الإشارة إلى أن أفغانستان أصبحت بيئة خصبة لمثل هذه التطورات. ردود الفعل الاستعراضية من طالبان تجاه باكستان تثير الشكوك ولا تعكس قراءة عقلانية للأوضاع.

وكل هذه الوقائع تشير إلى أن ما يدور خلف الكواليس لن يظل طيّ الكتمان طويلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى