كشف برنامج سري لوكالة الاستخبارات الأمريكية لتدمير الأفيون في أفغانستان

كشفت صحيفة واشنطن بوست مؤخرًا، في تقرير تحقيقي، عن وجود برنامج فائق السرية نفذته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) في أفغانستان، هدفه الأساسي خفض إنتاج الأفيون خلال سنوات الوجود العسكري الأمريكي في البلاد.
وفقًا للتقرير، بدأت الوكالة منذ عام 2004 وحتى نحو عام 2015، بتنفيذ هذا البرنامج السري بموافقة مباشرة من الرئيس الأمريكي الأسبق. وقد قامت الوكالة خلال رحلات جوية ليلية بطائرات عسكرية، بنثر مليارات من بذور الخشخاش المعدلة وراثيًا في الولايات الجنوبية والشرقية لأفغانستان، لا سيما في هلمند وننغرهار.
تم تعديل هذه البذور بطريقة تجعل النباتات الناتجة منها شبه خالية من المواد المخدرة اللازمة لإنتاج الهيروين، لكنها تظهر بأزهار جذابة زاهية اللون. الهدف كان أن تندمج هذه النباتات تدريجيًا مع الأنواع المحلية، مما يؤدي إلى تراجع تدريجي في جودة المواد المشتقة من الأفيون الأفغاني.
واللافت أن هذه العملية نُفذت دون علم رسمي من الحكومة الأفغانية السابقة برئاسة حامد كرزاي. بل إن بعض المسؤولين السابقين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون لم يكونوا على علم بتفاصيل هذا البرنامج، الذي تم شرعنته عبر وثيقة سرية تُعرف باسم “فايندينغ”، صادق عليها الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش.
البرنامج، الذي صممه مركز الجرائم والمخدرات التابع للـCIA، كلف مليارات الدولارات واستهلك جزءًا كبيرًا من ميزانية المركز. وعلى الرغم من أن بعض المصادر تؤكد أن العملية حققت نجاحات على المدى القصير، فإن التقييمات اللاحقة تشير إلى أن تأثيرها كان محدودًا على المدى البعيد، وانتهت بفشل اقتصادي.
وأفاد التقرير أن الولايات المتحدة بحثت لاحقًا تنفيذ برنامج مماثل في المكسيك بعد توقفه في أفغانستان، لكنها تراجعت بسبب التحديات الجغرافية هناك.
خلال تلك السنوات، سادت شائعات واسعة بين المزارعين الأفغان بأن “أجانب” يوزعون بذورًا أو أسمدة ملوثة. ويتبين اليوم أن بعض هذه الشكوك كانت صحيحة.
وورد في تقرير المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) أن واشنطن أنفقت نحو 9 مليارات دولار لمكافحة إنتاج وتهريب المخدرات، من دون أن ينجح أي من هذه البرامج، بما فيها عملية CIA، في وقف نمو هذه الصناعة المدمرة.
وبعد انسحاب القوات الأمريكية عام 2021، شكّل إنتاج وتجارة الأفيون حوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان. وأعلنت حركة طالبان، عقب توليها الحكم، حظر زراعة الخشخاش.
وبحسب التقارير، انخفضت المساحات المزروعة في عام 2023 بنسبة تصل إلى 95%، لكن أحدث الإحصاءات تشير إلى أن المساحات المزروعة ارتفعت مجددًا بنسبة 19% خلال العام الماضي، مع انتقال الإنتاج إلى المناطق الشمالية الشرقية من البلاد.




