آراءالخبر الرئيسي

طالبان تتغيب عن اجتماع جيران أفغانستان في طهران لأسباب أيديولوجية وأمنية

غابت حركة طالبان عن اجتماع جيران أفغانستان الذي عقد في طهران، مدعية أنها ليست بحاجة لما وصفته بـ”الوصفات” المطروحة.

ويبدو أن قرار طالبان هذا يتجاوز مجرد تصرف دبلوماسي غير لائق.

فوفقاً لما تشير إليه الأدلة، لم تُقم طالبان خلال السنوات الأربع الماضية أي علاقة ثابتة ولا عميقة مع إيران في أي مجال، وكل تعاملاتها مع طهران كانت سطحية، قابلة للتراجع، وغير استراتيجية.

فعلى سبيل المثال، حتى لو أظهرت الأرقام أن هناك زيادة في التبادلات المالية والتجارية بين طالبان وإيران خلال فترات قصيرة، فإن ذلك لا يُعد تحولاً اقتصادياً من جانب طالبان نحو إيران، بل يمكن اعتباره خطوة تكتيكية تهدف إلى الضغط على شركاء تجاريين آخرين. وعلى الأرجح، ستقلص طالبان من مستوى تجارتها مع إيران بشكل كبير فور توافر فرص تجارة أفضل مع شركاء آخرين.

حدث شبيه بذلك وقع في ملف استيراد الوقود، حيث اشترت طالبان حالياً كمية كبيرة من احتياجاتها النفطية من روسيا بدلاً من إيران، وإن كانت تمر عبر الأراضي الإيرانية.

وهذا يشير إلى أنه لا توجد مؤشرات حقيقية على سعي طالبان لبناء علاقة استراتيجية وعميقة لا عودة عنها مع طهران.

في هذا السياق، من غير المستغرب أن تمتنع طالبان عن المشاركة في فعاليات إقليمية هامة تكون المبادرة فيها بيد إيران.

ويعود موقف طالبان هذا إلى سببين رئيسيين.

أولهما أن طالبان لديها خلاف أيديولوجي جوهري مع إيران. وتظهر تجربة هيئة تحرير الشام بقيادة جولاني في سوريا أن الحركات السلفية، رغم إمكانية توافقها مع الولايات المتحدة والغرب عند ضمان البقاء والمصالح، إلا أن الخلاف العقائدي والطائفي مع حكومة شيعية يشكل عقبة جدية أمام تعميق العلاقات. وطالبان، بصفتها حركة سلفية، لا تشذ عن هذه القاعدة. ولذلك، فإن الخلاف الأيديولوجي يمثل مانعاً جوهرياً، حتى لو حاول الطرفان إظهار حسن النية في العلاقات.

السبب الثاني يتمثل في التزام طالبان تجاه الولايات المتحدة، وفقاً لاتفاق الدوحة، بعدم إقامة علاقات وثيقة، خاصة في المجالات الأمنية، مع أعداء واشنطن. وبهذا الالتزام، لا يمكن لطالبان الانخراط في قضايا أمنية إقليمية دون موافقة الولايات المتحدة.

من هنا، فإن إحجام طالبان عن المشاركة في اجتماعات حول الأمن الإقليمي تنظمها إيران لا يُعد أمراً مفاجئاً.

وبناء عليه، فإذا كان سراج الدين حقاني قد وعد بالمشاركة في اجتماع جيران أفغانستان بطهران وزيارة إيران كمفاجأة، فإن تراجعه عن هذه الخطوة تحت ضغط وتهديد أمريكي لا يبدو مستغرباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى