الصراع مع باكستان واختبار الفهم الوطني في أفغانستان

بناءً على قاعدة الضمير والانتماء وعلى أساس العاطفة الوطنية وعلاقة الملكية، فإن الاعتداء على أرض الإنسان وبلده يجرح روحه ويشوش ذهنه. من هذا المنظور، فإن كل دولة ــ مهما كانت نواياها ودوافعها ــ التي تهاجم أفغانستان، فإن عملها مقيت ومدان.
إذا تجاوزنا هذه القاعدة العامة وننظر إلى الصراع الجاري بين طالبان وباكستان، فهناك أحيانًا همسات تحمل طابعًا وطنيًا، وأحيانًا تبرز شعارات حادة. لتوضيح أبعاد هذه القضية، يجب الانتباه إلى “موضوع النزاع”. إذا كان هذا النزاع حول مسألة وطنية، فإن الحديث عن تعبئة وتشكيل جبهة وطنية يكون ذا معنى؛ أي إذا كان الخلاف حول وحدة الأراضي أو الموارد المائية أو غيرها من المصالح الحيوية للدولة، يمكن حينها الحديث عن تعبئة وطنية.
بينما الموضوع الرئيسي، كما يُدعى، هو دعم طالبان أفغانستان لطالبان باكستان واستقرارهم على أرض أفغانستان. باكستان كانت دائمًا دولة تثير المشاكل في شؤون أفغانستان؛ بغض النظر عما إذا كانت مزاعمها صحيحة أم لا، هناك نقطة واضحة: قضية طالبان باكستان ليست مسألة وطنية لأفغانستان أبدًا، بل هي ذات طابع عرقي. لذلك، ليس من الحكمة أن تُدار الرأي العام بطريقة مبتدئة وتُعرض الروابط المتطرفة لطالبان باكستان مع المركز على أنها مسألة وطنية لأفغانستان. لذا، الاستثمار من رأس المال الوطني في هذه القضية خطأ فادح.
علاوة على ذلك، فإن طالبان قد استحوذت على السلطة بشكل حصري ومنعت الآخرين من المشاركة في الحكم والتمتع بخيرات الوطن؛ لذا لا يمكنهم تحميل شعوبهم مشاكلهم العرقية المصنوعة بأنفسهم والاختباء وراء المفاهيم الوطنية. الأزمة الحالية بين طالبان وباكستان نتيجة سياسات طالبان نفسها ومسؤولية حلها تقع على عاتقهم.
وفي الختام، يجب القول: طالما لم يتحقق المشاركة الوطنية والتوزيع العادل للسلطة والثروة، فإن استخدام المفاهيم والألقاب الوطنية هو أمر بلا أساس وبلا معنى؛ ناهيك عن تقديم القضايا العرقية بحتة في صورة مسألة وطنية.




