طالبان بين البقاء والاختيار السيء: تصاعد التوتر مع باكستان وخيارات صعبة أمام الحركة

بعد الهجمات المحدودة التي شنتها طالبان على نقاط التفتيش الحدودية مع باكستان، شنت باكستان أمس هجمات على قندهار، لكن لم تتعرض طالبان لأي أضرار جسيمة تسمح باعتبار ذلك حربًا حقيقية بين الطرفين، كما حدث في الهجوم على كابل أيضًا حيث لم تتضرر طالبان. الحرب الحالية بين طالبان وباكستان ليست حربًا حقيقية، ففي حرب حقيقية يسعى الطرفان في أول إجراء إلى استهداف عناصر مهمة لدى الطرف الآخر، لكن لم يتعرض أي من الطرفين لأضرار كبيرة حتى الآن. يبدو أن باكستان في هذه المرحلة تسعى فقط إلى تنفيذ مشروع تقويض سلطة طالبان، وإلا فإن القضاء على الشخصيات البارزة في طالبان – والتي تعرف أجهزة الاستخبارات الباكستانية (ISI) مواقع وجودها – ليس بالأمر الصعب. التساؤل المهم هو لماذا قررت باكستان في هذا التوقيت تقويض سلطة طالبان، وما الهدف من وراء ذلك؟ وفقًا لبعض التقارير، ناقش ملا هبة الله في اجتماعات الأسبوع الماضي في قندهار خطتين رئيسيتين مع أعضاء الجماعة ويتابع تنفيذهما. في الخطة الأولى، يسعى إلى إدارة المسؤولين الغير راضين داخل الجماعة من خلال تغييرات وتنقلات في المناصب المختلفة، وربما لهذا السبب امتنع ثلاثة من الشخصيات المهمة، وهم ملا برادر وملا يعقوب وسراج الدين حقاني، عن حضور اجتماع قندهار. جزء من هذه التغييرات تدعمها باكستان، فمثلاً غير راضية عن منح السلطة الاقتصادية لإدارة طالبان لملا برادر. خلافات ملا برادر مع باكستان قد تؤثر سلبًا على مصالح الأخيرة الاقتصادية. لذلك، إذا حصلت تغييرات في قمة قيادة طالبان قريبًا، فلا يجب أن يكون ذلك مفاجئًا. في الخطة الثانية، نوقشت مسألة عودة القوات الأميركية إلى مطار باغرام. الخبراء يصنفون طالبان ضمن التيارات السلفية السياسية، وهي التيارات التي وُلدت من أجهزة استخبارات، وهي عادة ما تختار البقاء على قيد الحياة حتى لو كان ذلك باختيار سيئ عند مواجهة خطر الانهيار. على هذا الأساس، قام جلاني، زعيم القاعدة في سوريا، بإحداث تغييرات جذرية في أدائه وأداء مجموعته، ويمكن ملاحظة سلوك مماثل لدى حكام السعودية. والآن، كتيار سلفي سياسي، يواجه طالبان قرارًا بين اتفاق يرونه سيئًا مع ترامب أو خطر السقوط والاندثار، ويجب عليهم الاختيار. يبدو أن ملا هبة الله يحاول تحميل مسؤولية التوافق مع الولايات المتحدة على أعضاء الجماعة وعلى وجه الخصوص العلماء. طالبان تفضل البقاء في السلطة وعدم تكرار خطأ ملا عمر في القيادة الأولية للجماعة. لذلك، من المحتمل أن الضغوط التي تمارسها باكستان على طالبان – والتي قد تكون برعاية أميركية – تجعل خيار الاتفاق مع الولايات المتحدة أقل ألمًا من خيار السقوط. سيد أحمد موسوي، مبلّغ.




