آراء

إنكار الماضي خطأ اليوم: حزب الوحدة الأفغاني وولاية الفقيه لإمام الخميني

إنكار الماضي، خطأ اليوم

صديقي العزيز السيد أسد الله سعادتي، في نقده لأحد مقابلات السيد محيي الدين مهدي، أنكر قيادة الإمام الخميني (رحمه الله) للشيعة في أفغانستان.

السيد مهدي في تلك المقابلة، استناداً إلى البند في النظام الأساسي لحزب الوحدة الذي ينص على: «يحافظ حزب الوحدة الإسلامي في أفغانستان على جهاده ونضاله حتى إقامة نظام إسلامي قائم على القرآن والسنة وأصل ولاية الفقيه»، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن ولي الفقيه في زمن تأسيس حزب الوحدة كان الإمام الخميني (رحمه الله)، طرح هذا الادعاء، ورداً على ذلك كتب السيد سعادتي: «هذا الادعاء، أياً كانت نواياه ودوافعه، هو ادعاء كاذب، كلام مبالغ فيه وبهتان غير مبرر ولا يُغتفر.»

في رأيي، نقد السيد سعادتي لهذا الادعاء ليس موضوعياً، ولا يتوافق مع الحقائق التاريخية ولا يمثل حلاً لمشكلات اليوم.

الهروب من قبول قيادة الإمام الخميني (رحمه الله) ربما كان بقصد التقليل من شبهة التبعية لإيران، لكن هذا الإنكار عملياً ليس له أي نتيجة للمنكرين.

ولتوضيح الأمر، أجد من الضروري ذكر النقاط التالية:

1. حزب الوحدة، بلا شك، تشكل بدعم ورعاية إيراني، وكلا الأمينين العامين للأعوام الأولى من الحزب (الشهيد مزاري والسيد أكبر ي) كانا من الشخصيات الموثوقة والمدعومة من إيران، بل وكانا من رواد نظرية اتباع ولاية الفقيه في أفغانستان.

2. التوافق مع إيران لحزب الوحدة، الذي كان حزباً شيعياً وأيديولوجياً، كان أمراً طبيعياً. ذلك البند المهم في النظام الأساسي الذي يُعرّف الحزب بأنه تابع لولاية الفقيه لم يكن نتيجة عدم فهم أو اهتمام قادة الحزب بمعناها، بل كان مدروساً ومبنيًا على آرائهم الجامحة واحتُوى في النظام الأساسي، وكان لجميع قادة الحزب، بما فيهم الشهيد مزاري، إيمان عميق بولاية الفقيه ووجوب الطاعة الشرعية له.

3. مرجع «ولاية الفقيه» المذكور في النظام الأساسي للحزب كان في زمن تأسيسه هو الإمام الخميني (رضوان الله عليه) حصراً ثم بعده آية الله خامنئي. لم يكن لأعضاء المجلس المركزي للحزب في تلك الفترة أي شك أو خلاف في هذا الأمر، وإن حاول البعض في سنوات لاحقة تحويل الحزب عن نهج ولاية الفقيه.

4. يمكن توجيه نقدات مهمة لطريقة تعامل إيران مع تطورات أفغانستان وخاصة مع الشيعة، وقد تناولتها بنفسي أحياناً، لكن تحريف الحقائق التاريخية الذي قد ينبع من حسابات المصالح والأضرار الراهنة لا يخدمنا بل يؤذينا.

5. الإمام الخميني، بالإضافة إلى كونه المرجع الديني للشيعة في ذلك الوقت، كان زعيماً لحركة مناهضة للاستكبار، واعتبرته جهات مختلفة في مناطق متعددة زعيماً ثورياً لهم. العديد من شيعة أفغانستان، بمن فيهم قادة حزب الوحدة، كانوا في تلك المرحلة الثورية الغامرة يفتخرون باتباع الإمام، كما كان البعض في الوقت ذاته يفتخرون باتباع لينين وخلفائه أو سيد قطب وخلفائه.

6. يمكن للمنتقدين أن ينتقدوا أداء كبار الشيعة في الثمانينيات ويقولوا إن اتباعهم للإمام الخميني كان قراراً صائباً أم لا، لكن إنكار الواقع ليس عقلانياً ولا منصفاً.

يثير استغرابي إنكار علاقة حزب الوحدة مع إيران في التسعينيات واتباع أمينه العام وجميع أعضاء الحزب في تلك الفترة للإمام الخميني، ما جدوى ذلك؟ هل سيكسب طالبان أو السلفيين ثقتنا؟ أم الولايات المتحدة والغرب؟ بالطبع لا.

7. شيعة أفغانستان مضطرون إلى البحث عن خطة تحقق لهم سياسة القوة. ما سعى إليه قادة الأحزاب القومية الشيعية خلال 25 عاماً الماضية كان مجرد الوصول إلى السلطة عبر العرقية، لا تصميم سياسة القوة، وهذا لم ينجح في النهاية.

والحقيقة أن التجربتين الناجحتين نسبياً في حكم مجلس الاتفاق في الهزارة وحكم حزب الوحدة في المناطق المركزية كانتا مبنيتين على تجميع كل القدرات محورياً حول الدين. انتهى هذا التسلط عندما حلت العرقية محل الدين وانهار الحزب من الداخل.

شيعة أفغانستان اليوم بحاجة إلى إعادة تعريف آلية التقدم نحو سياسة القوة مع تركيز على الخلفيات الدينية. ربما نحتاج إلى إعادة تعريف علاقاتنا بمراكز القوة الشيعية في دول أخرى، لكن تجاهلها لن يصب في مصلحتنا بل سيدخلنا في أزمات جديدة وأضعف.

سيد أحمد موسوي، مبلغ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى