آراءالخبر الرئيسي

طالبان في مأزق اتخاذ القرار الاستراتيجي وسط مساعٍ إقليمية لإطلاق حوار شامل

على الرغم من امتناع حركة طالبان عن المشاركة في اجتماع دول الجوار الأفغاني المنعقد بطهران، فإن حضور المبعوثين الخاصين من جميع دول المنطقة في هذا الاجتماع يعكس عزماً إقليمياً مشتركاً لتفادي أزمة جديدة في أفغانستان.

خلال الأسبوعين الماضيين، سعت إيران لتكون محور مبادرة إقليمية هامة، حيث نظمت “اجتماع التوافق الوطني” بدعم منها، بمشاركة أبرز قادة المعارضة ضد طالبان. وقد اعتُبر هذا الاجتماع ناجحاً حتى الآن.

ورغم أن القادة السياسيين من حقبة الجمهورية يحملون سجلاً حافلاً بالأخطاء، إلا أن عدم تمكن الجيل الجديد من السياسيين الأفغان من إثبات تأثيرهم على مسار الأحداث، جعل من القادة الحاضرين في اجتماع التوافق الوطني الخيار الوحيد المتاح حالياً في مواجهة طالبان، نظراً لقدرتهم الجزئية على التعبئة الشعبية من جهة، ومعرفتهم لدى المجتمع الدولي من جهة أخرى.

تُعدّ خطوة إيران في تشكيل إجماع من القادة السياسيين المعارضين لطالبان خطوةً إيجابية وضرورية، لكن من شأن إشراك ممثلين حقيقيين عن الشعب الأفغاني أن يُكمل هذه المبادرة.

ذلك أن خروج أفغانستان من أزمتها يتطلب توافقاً متماسكاً لمواجهة طالبان وموازنة الوضع، فغياب جهة معارضة موحدة كان أبرز الحجج التي تتذرع بها طالبان للتهرب من الحوار، وهو ما قد يسقطه هذا التوافق.

كما أن اجتماع المبعوثين الخاصين لدول الجوار الأفغاني في طهران يمثل مبادرة أخرى من إيران، تهدف من جهة إلى معالجة الخلافات بين طالبان وباكستان، ومن جهة أخرى إلى تمهيد الطريق لحوار محتمل بين طالبان والقادة السياسيين المشاركين في اجتماع التوافق الوطني.

لكن رفض طالبان للمبادرتين المذكورتين وضعها فعلياً في مواجهة مع دول المنطقة كافة، تلك الدول التي بذلت خلال الأعوام الأربعة الماضية جهوداً كبيرة لبناء مستوى مقبول من العلاقات مع طالبان من أجل منحها فرصة لكسب الثقة.

ورغم أن دول الجوار فتحت أبوابها لطالبان وقدمت لها امتيازات مهمة على أمل تحوّلها إلى كيان منطقي ومنفتح على العالم والمنطقة، إلا أنها لا تزال تخشى أن تتحول طالبان إلى مصدر لتصدير الإرهاب في المنطقة، أو أن تكون أداة لمشاريع أمنية مدمرة تنفذها الولايات المتحدة في جنوب ووسط آسيا.

وتزيد التقارير التي تتحدث عن تواجد وتعزيز الجماعات الإرهابية والانفصالية من أبناء دول الجوار داخل أفغانستان من عمق هذه المخاوف.

إذا استمرت طالبان في تجاهل المبادرات الإقليمية، فإنها ستفقد ما تبقى لها من فرص للحفاظ على علاقات إيجابية مع دول الجوار.

فالولايات المتحدة، ووفقاً لاتفاقية الدوحة، لديها توقعات من طالبان، وهي توقعات غالباً ما تتركز على الجوانب الأمنية ولا تحظى بموافقة دول المنطقة. وإذا فشلت طالبان في تبديد المخاوف المشروعة لهذه الدول، فإنها ستُضطر إلى اتخاذ خيار استراتيجي: إما أن تعمل ضمن أجندة واشنطن، أو أن تستجيب لتطلعات الشعب الأفغاني والقوى السياسية عبر المشاركة في المبادرات الإقليمية لإنقاذ البلاد من أزمة جديدة.

سيد أحمد موسوي مبلغ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى