طفل ينفذ عملية إعدام علنية بأمر طالبان في ولاية خوست الأفغانية

شهدت أفغانستان خلال الأسبوع الماضي (11 قوس) يوماً مأساوياً ومروعاً، حين نفذت حركة طالبان حكماً بالإعدام في الاستاد المركزي لمدينة خوست بحق رجل متهم بقتل 13 فرداً من عائلة واحدة، بينهم الأم وتسعة أطفال. غير أن تنفيذ الحكم اتخذ منحًى صادماً وفاجعياً، إذ جرى تسليم السلاح لطفل يبلغ من العمر 13 عاماً، من ذوي الضحايا، لتنفيذ الإعدام بإطلاق النار على الجاني أمام أعين آلاف المشاهدين. هذا الطفل، الذي لم يكن مجرد شاهد على انهيار عائلته، وُضع اليوم مكان الجلاد أمام حشد يقدر بنحو 80 ألف شخص، بينهم أطفال صغار.
وبعيداً عن انعدام الشفافية في عملية المحاكمة، وغياب محامٍ مستقل، وضغوط الأجهزة الأمنية، وغياب معايير العدالة، فإن تسليم تنفيذ الحكم لطفل يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفولة والمبادئ الإنسانية العالمية. طفل كان ينبغي أن ينمو في بيئة آمنة، حُوّل إلى منفذ لعقوبة الموت أمام الجمهور والكاميرات، وهو حدث قد تُلازمه آثاره النفسية لسنوات طويلة. هذه الواقعة تكشف أن طالبان لا تحمي الأطفال، بل تستغلهم لعرض القوة واستعراض العنف.
على المستوى الاجتماعي، فإن تنظيم مثل هذه المناسبات، بمشاركة العائلات والأطفال، يساهم في تطبيع العنف داخل المجتمع، ويُبقي الشعب رهينة دائرة الخوف والذعر والانفعال. إن وجود آلاف المتفرجين في استاد رياضي، سواء كان بدافع الإكراه أو الفضول أو الضغط الاجتماعي، يُعد مؤشراً مقلقاً على أن العنف بات جزءاً من «الحياة اليومية» للناس، ما يؤدي إلى تعاظم قدرة المجتمع على تحمّل القسوة، وينتج عنه تبعات نفسية وثقافية بعيدة المدى.
أما من الناحية السياسية، فتسعى طالبان لتقديم مثل هذه الأحداث كدليل على «تطبيق الشريعة»، بهدف ترسيخ سلطتها داخلياً. إلا أن على المستوى الدولي، فإن هذه الممارسات لا تساهم في منح الشرعية للحركة، بل تزيد من ضغوط العزلة السياسية المفروضة عليها. وقد أظهرت ردود الأفعال السريعة والحازمة من قِبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن المجتمع الدولي يعتبر مثل هذه الضروب من العقاب انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان وحقوق الطفل.
إن عملية الإعدام العلني هذه ليست مجرد قضية جنائية، بل تعكس توجهاً سلطوياً يحوّل العنف إلى وسيلة لإظهار السيطرة، ويبعث برسالة إلى المجتمع أن العدالة لا تقوم على إنصاف مُجمل، بل على الاستعراض العام وترهيب الناس. أفغانستان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجةٍ إلى اهتمام ودعم المجتمع الدولي، والإعلام، والمؤسسات الحقوقية، لوقف هذا المسار العنيف. فعندما يصبح الأطفال منفذي الإعدامات، لا يمكن بناء مجتمع آمن وعادل وسليم.




